لماذا وإلى أين ؟

قرصنة سيادة وطن!

هزت الهجمات السيبرانية التي تعرض لها موقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وقاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المغاربة، إلى درجة الفزع.

الهجمات السيبرانية المشار إليها، التي ترقى إلى مستوى “العمل الإجرامي”، وتقف وراءها “جهات معادية”- حسب وصف الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس- يمكن أن تترتب عنها آثار وخيمة، قد تصل إلى المس بالأمن القومي والاقتصادي للمملكة.

إذا كان النقاش الدائر حول آثار هذا العمل الإجرامي منحصر، إلى حد ما، حول ما تم الكشف عنه لحد الآن من معطيات رواتب بعض المستخدمين الكبار بالقطاع الخاص والصحافيين، إلا أن ما خفي من أثار جانبية لهذه الهجمة السيبرانية لجهات معادية على هاتين المؤسستين الوطنيتين، أعظم. من بينها نذكر:

1/ خلق فزع اجتماعي من خلال تشكيك المغاربة في مدى حصانة أمنهم المعلوماتي، وزعزعة ثقتهم في مؤسساتهم الأمنية المعنية بهذا الجانب، بعد أن تمكنت جهات معادية، مجهولة للعموم، من اختراق تحصينات معطياتهم الشخصية.

2/ فضح الضعف الكبير في مدى تأمين معطيات وملفات حساسة بمؤسسات عمومية في وقت انتقل فيه كل العالم إلى الرقمية، وفي زمن أصبح فيه التفوق الأمن السيبراني مُحدد رئيسي لمدى التفوق الأمني العالمي لمواجهة كل أنواع الجريمة العابرة للقارات.

3/ عرت ضعف تكوين الموارد البشرية بالمؤسسات العمومية المعنية بكل ما ارتبط بالرقمية، لأسباب عدة، من بينها كون الأطر المتخصصة تفضل العمل في القطاع الخاص أو الهروب إلى الخارج، بفعل الإغراءات المادية الكبيرة مقابل ما قد يحصلون عليه من أجور “زهيدة” بالوظيفة العمومية في ظل بيروقراطية إدارية تقتل فيهم روح الإبداع والتطوير.

4/ المعطيات التي يرجح أن يكون قد تم السطو عليها من طرف جهات معادية بعد اختراق قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تعود لحوالي 4 ملايين، هذا إن احتسبنا فقط عدد الأجراء النشطين في القطاع الخاص المصرح بهم لدى الصندوق برسم سنة 2022، وهو ما يُمَكن الجهات المعادية من كنز وفير قد تستعمله في أعمال عدائية تستهدف السيادة الوطنية.

5/ احتمال، قد يظهر كأفلام حرب النجوم لكنه ليس مستبعد، يتجلى في إمكانية تجنيد الجهات المعادية الواقفة وراء الهجمة السيبرانية لبعض أجراء مؤسسات وطنية، من خلال استغلال وضعياتهم الاجتماعية التي أصبحت مكشوفة، من أجل أغراض تجسسية مثلا أو تخريبية، فليس كل من يحمل بطاقة مغربي هو وطني لن يمس بلاده بسوء.

6/ الدفع نحو خلق كرة ثلج احتقان اجتماعي وسط الفئات الفقيرة والهشة وجزء من المتوسطة، والتي تشكل الغالبية، والنفخ في نار الحقد الطبقي، بعد كشف رواتب مسؤولين كبار في القطاع الخاص، مما قد يهدد السلم الاجتماعي.

7/ اختراق موقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، رغم تحذيرها من قبل، قد يكون مكن الجهات المعادية من السيطرة على معطيات حساسة لاستراتيجيات وطنية للنهوض بالمقاولات، مما سيجعلها هدفا لهذه الجهات.

8/ الحصول على معطيات شركات ومقاولات أجنبية تشتغل في المغرب، مما سيسهل استهدافها بغرض استقطابها لبلدان تلك الجهات المعادية، مما قد يشكل ضررا للإقتصاد الوطني المغربي.

9/ الجهات المعادية التي تقف وراء الهجمات السبيرانية قد تكون اخترقت إيميلات مسؤولين بالمواقع المذكورة أعلاه، وعبرها وصلت إلى هواتفهم ومن خلالها اطلعت على معطيات سرية تنتظر الوقت المناسب لاستعمالها في أعمال تستهدف الوطن.

10/ بناء على ما تم ذكره فالهجمات السيبرانية التي استهدفت مؤسسات وطنية تستهدف قرصنة سيادة الوطن الأمنية والاقتصادية وضرب استقراره الاجتماعي.

وأخيرا نقول: مثل هكذا أعمال عدائية في سياق إقليمي ودولي متوتر، لا تأتي دائما ممن يصنفون أعداء، قد يقف وراءها من عندهم من الأصدقاء، ولنا مثال في ذلك الأعمال التجسسية التي مارستها أمريكا ضد حليفتها ألمانيا في السنوات الأخيرة، أو محاولة التجسس التي قام بها بنيامين نتانياهو ضد أهم حلفاء كيانه، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون. في مثل هكذا استهدافات لا نلوم من قام بها، فهو يقوم بما يراه مناسبا من أجل مصلحته الشخصية أو مصلحة وطنية، ولا نتبكا على ما جرى ونلعب دور الضحية، ولكن نحاسب فيها الذات التي لم تقم بواجبها ونقييم فيها الهفوات، ونضرب بيد من حديد على كل من تبثت مسؤوليته، المباشرة وغير المباشرة، فسيادة الوطن فوق كل اعتبار.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x