لماذا وإلى أين ؟

مصلحة المغرب في ميزان المخ والعقل

سعيد زريوح

المغاربة، كل المغاربة تقريبا لا يختلفون كثيرا حول المغرب الذي يحلمون به : بلد مستقر، له السيادة على كل ترابه، يتمتع بعلاقات خارجية صلبة ويضمن عيشا كريما لمواطينيه. ولغرض ما في نفس يعقوب يوجد بالبلد من يحاول خوصصة هذه الأحلام الواقعية لصالحه دون غيره.

يوجد من يجعل جزءا من المغاربة أعداء للمغرب لكونهم يختلفون معه لا على مصلحة البلد ولكن على منهجية إدارة هذه المصلحة، لا اختلاف على الاستقرار. وهل يوجد عاقل ينتصر للفوضى ضدا على السكينة والطمأنينة؟ كل ما في الأمر، أنت تجد في بقاء الحال كما هو عليه سبيلا لهذا الاستقرار، ويوجد من يعتبر أن لا استقرار في غياب الحرية والعدالة والكرامة….التي لا توجد.

أنت ترى لا حرج في تحكم القلة في القرار والثروة، وغيرك يعتقد في أن هذا التحكم هو الطريق المستقيم إلى حرب أهلية. ومن يريد مغربا معزولا دوليا ودون حلفاء أقوياء؟ قد يوجد بعضهم، ولكن هذا ليس مبررا كافيا حتى تعتبر نفسك جديرا برسم خارطة تحالفات البلد، اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسرائيل… هم صمام آمان المغرب هو مجرد رأي لا آية بالقرآن.

بالبلد يسكن من يعتبر وعن وعي وتحليل ومتابعة أن هذه القوى هي في مرحلة التفكك والانهيار….، وأن عالما جديدا يولد، وأن هناك ضرورة لإعادة مراجعة خارطة التحالفات الدولية، قد ترى في التسلح خيارا استراتيجيا وفي دق طبول الحرب ربحا تكتيكيا وفي تحقير الخصوم نصرا معنويا.

من حقك ذلك، ولكن من واجبك أن تعترف بوجود رأي مغاير لك يؤمن بأن سياسة السلم أكثر نجاعة من لعبة الحرب، وأن الاستثمار في التعليم والصحة…. خير من اقتناء الدبابات، وأن احترام الخصوم ليس أسوأ من محاولة إدلالهم وتحويلهم إلى وحوش هائجة. أن تعتبر علو الأبراج مؤشرا على التقدم، أو عدد المطارات والموانئ والطرقات عنوانا للنجاح، أو ارتفاع عدد السواح والفنادق مقياسا للخروج من التخلف….فلا أحد يمنعك من ذلك، غير أنه عليك أن تنتبه لمن يقول بأن عدد وفايات الأطفال ومعدل الخصوبة ومدى الحياة….هي المؤشرات الحقيقية للتقدم وهي أعمق من كمية الإسمنت التي استهلكتها دولة أو معدل نمو أنجزته.

تقول بأن الأمن ضروري للبلد، سوى أنني لا أراه كافيا لتحقيق الأمان، هذا الأخير يتحقق بسمو العدل على الظلم وانتصار المساواة على التمييز وانتشار التضامن على حساب الأنانية وتشجيع التوزيع ضدا على الاحتكار وتعميم المساءلة والمحاسبة مقابل التطبيع مع الإفلات من العقاب، تفرقة المغاربة ما بين وطني وغير وطني هي لعبة بسيطة لا تحتاج للعقل، لما تتمتع بالعقل، فمن الراجح أنك ستدرك مدى خطورة هذه اللعبة على بلدك وسترفض كل عروض من يلعبها وستتحمل اتهامك بالعمى الإيديولوجي وخدمة الأجندات الخارجية…. لما تمتلك العقل الذي بطبيعته يحتمل التعقيد، ستعرض عن من يقوله المخ الخام الذي لا يستريح سوى في التبسيط .

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
علال
المعلق(ة)
15 أبريل 2025 10:38

تماما ، الاجماع وهم، والاختلاف يدفع للنقاش البناء ويدفع بالأمور للافضل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x