لماذا وإلى أين ؟

” الأحرار” يقود الأغلبية لاكتساح الانتخابات الجزئية .. فما هي الدلالات السياسية؟

تصدرت الأحزاب الثلاثة المشكلة للتحالف الحكومي نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة الخاصة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، والتي شملت أكثر من 27 عمالة وإقليماً بالمملكة.

فمن بين 153 مقعداً انتخابيا موزعاً على 90 جماعة بمختلف جهات المملكة، تمكنت أحزاب التحالف الحكومي من الظفر بأكثر من ٪ 80 من هذه المقاعد، خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار القائد للحكومة الذي حصل على 61 مقعداً، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة الحائزعلى 36 مقعداً ثم حزب الإستقلال الذي نال 24 مقعدا.

المثير في النتائج المشار إليها، أن المتتبع لوسائل الإعلام المغربية ومنصات التواصل والتفاعل الإجتماعي سيفهم أن المغاربة ناقمون وساخطون عن الحكومة وأحزابها الثلاثة، وأن هذه التنظيمات الحزبية المدبرة للشأن العام اليوم ستحصد هزيمة نكراء في الإنتخابات، في مقابل تصاعد خطاب المعارضة والترويج لمبادراتها البرلمانية والتواصلية، ما يوحي أن صناديق الإقتراع قد تسفر عن فوز أحزاب المعارضة، لتأتي نتائج الإنتخابات الجزئية لتفصل بين الواقع و”واقع المواقع”.

وحيث إننا لا تفصلنا عن الإستحقاقات الإنتخابية العامة إلا سنة واحدة، فإن استقراء نتائج هذه الإنتخابات الجزئية قد تسلط الضوء على “التوجه العام”، فهل يمكن أن تؤشر انتخابات يوم الثلاثاء الماضي على تصدر أحزاب التحالف الثلاثي الإنتخابات العامة؟ أم أن نتائج الانتخابات الجزئية لا يمكن أن يبنى عليها تحليلا رصينا لمستقبل الاستحقاقات نظرا للظروف التي تجرى فيها بدون حملات “صاخبة” ولا إعلام مواكب؟

يرى الباحث في الدراسات السياسية، حفيظ الزهري، أن الإنتخابات الجزئية لا يمكن أن يتم الإعتماد عليها كأساس للبناء والحكم على نتائج الانتخابات المقبلة بحكم أنها تجرى في ظروف خاصة بعيدة عن الضغوطات والتدافع السياسي بين الأحزاب، مضيفا الإنتخابات الجزئية غالبا ما تجرى بتمثيلية حزبية ضعيفة ودون حملات إعلامية، وهو ما يجعل الناخب يعتمد منطق القرابة والقبيلة للتصويت في هذه الانتخابات خاصة في المجال القروي.

الإشكال، وفق الزهري الذي كان يتحدث لـ”آشكاين”، ليس في من سيفوز في الإنتخابات المقبلة، بل يكمن في البديل الممكن أن يقود الحكومة في انتخابات 2026 خلفا للتحالف الثلاثي، نظرا لتشتت المعارضة وضعفها عدديا وسياسيا وعدم قدرتها على توسيع قاعدتها الجماهيرية أمام قوة السلطة التي تمتلكها الآن الأحزاب الثلاثة المشاركة للحكومة.

وبحسب الباحث، فإن الإنتخابات المقبلة لن تكون نتائجها من حيث الترتيب بعيدة عن هيمنة الثلاثي الحكومي وأحزاب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية والحركة الشعبية، مشيرا إلى أنه من حيث القوة العددية لن تكون على شاكلة سابقتها، حيث من المنتظر أن تؤثر الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على نتائجها، إذ قد تعرف انخفاضا في الفارق بين هذه الأحزاب وأحزاب المعارضة الحالية مما قد يؤدي إلى تشكيل حكومة من عدة أحزاب.

من جهته، يقول الباحث في العلوم السياسية والدراسات الدستورية، رشيد لزرق، إن الانتخابات الجزئية لا يمكن أن تعتبر مؤشراً دقيقاً على المزاج السياسي العام، خاصة عندما يكون الحزب الذي يقود الحكومة أو أي حزب آخر من الأغلبية الحكومية أكثر الأحزاب ترشحا وتغطية للدوائر الإنتخابية .

ويؤكد لزرق في تصريح لـ”آشكاين”، أن الانتخابات الجزئية تتسم بانخفاض ملحوظ في نسبة المشاركة مقارنة بالانتخابات العامة، مما يجعلها غير ممثلة للرأي العام بشكل شامل، مشددا على أن هذه الإنتخابات غالباً ما تطغى العلاقات الزبونية فيها على سلوك الناخبين، حيث يميل المواطنون للتصويت بناءً على مصالح شخصية ومحلية ضيقة بدلاً من القضايا السياسية الوطنية الكبرى.

وأشار الباحث في العلوم السياسية إلى أن هذا النمط من التصويت يعكس طابعاً غير سياسي بالمعنى الاستراتيجي، إذ تصبح الاعتبارات المحلية والروابط الشخصية أكثر تأثيراً من البرامج والتوجهات السياسية العامة، مما لا يمكن معها اعتبارها مقياس حقيقي لشعبية الحكومة أو سياساتها على المستوى الوطني.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x