2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
كيف ينعكس بقاء بنكيران على شعبية ”بيجيدي”؟ (لرزق يُجيب)

للمرة الرابعة، يقود عبد الإله بنكيران البالغ من العمر 71 سنة، حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، وسط تساؤلات حول قدرة هذا الرجل المثير للجدل، من أن يُعيد للمصباح وهجه الذي فقده، بعد أن كان متصدرا للمشهد السياسي بالمغرب بحصوله على 125 مقعدا في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، ليجد نفسه في ذيل الترتيب خلال آخر استحقاقات (2021)، بأقل من 13 مقعدا وبالكاد شكل مجموعة برلمانية في مجلس النواب.
يمثل بنكيران بالنسبة لقاعدة واسعة من الحزب رمزاً للمبادئ والقيم التي تأسس عليها “بيجيدي”. يرون فيه القائد القادر على إعادة الحزب إلى مساره الصحيح، بعد سلسلة من التراجعات الانتخابية. في المقابل، يخشى معارضوه من أن خرجاته غير المحسوبة وشعبيته المفرطة، ستنفر حوله من تبقى من مريدين، وتقوده إلى مصير مجهول.
وسط هذا وذاك، فإن المهمة الملقاة على بنكيران؛ بعد إعادة انتخابه قائدا للحزب، في المؤتمر التاسع ببوزنيقة، أمس الأحد 28 أبريل، وبفارق كبير مع منافسيه (الذين ظهروا وكأنهما أرنبي سباق)، لتأثيث المشهد ومحاولة إضفاء صبغة ”ديمقراطية” على عرس الإسلاميين؛ ليست بالسهلة، سواء في إعادة ترتيب بيت ”بيجيديين” من الداخل، أو بالنظر إلى المتغيرات الاقليمية والدولية، التي لم تعد تنظر إلى الإسلاميين، عموما، بعين الرضى.
بالنسبة لرشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، فإن عودة بنكيران إلى الأمانة العامة تظهر أن هناك ”أزمة في العقل الحزبي لحزب العدالة والتنمية”.
وأوضح ذات الأستاذ الباحث، في حديث لجريدة ”آشكاين” أن الحزب ”يركز على ديمقراطية الواجهة”، لكون الجوهر، وفق ذات الباحث، يقوم على ”التداول على المسؤولية واستقلالية المؤسسة الحزبية عن الأشخاص”، مؤكدا أن الديمقراطية ”تتطلب تداولاً فعلياً للسلطة، وتنوعاً في القيادات، ومناقشة جدية للبرامج”.
حسب لرزق دائما، فإن النتائج التي وصفها بـ ”المخدومة سابقا”، ومحاولة تصدير صورة للديمقراطية، لا تخفي، وفق تعبيره، مرآة للواقع الداخلي للعدالة والتنمية المتمثل في الانقسام”.
ومضى، ذات الخبير في الشأن السياسي المغربي، أن أي محاولة لإخفاء تداعيات هذا الإنقسام، ”سيجعل ديمقراطية بنكيران محل تساؤل، والذي يحاول بناءً على شعبيته لعب دور الضحية والمظلومية”.
وقال لزرق إن عودة بنكيران ”إشباع نفسي لدى أتباعه المحيطين به من نتائج 8 شتنبر، دون أن يُطرح سؤال التجديد الذي بات بنكيران عقبة أمامه.
وشدد المتحدث على أن غياب النقاش حول طرح سياسي أو برنامج حزبي يجيب على المرحلة ويطرح الخيارات، ”عطب” يتجاوز العدالة والتنمية ليشمل المنظومة الحزبية بالمغرب ككل، التي اتجهت إلى تكريس ”أحزاب الأفراد ما يجعل الحزب رهينة للفرد الذي يتقن المناورة ويعفيه من المسؤولية”.

وأوضح في السياق نفسه، أن ”بيجيدي أضاع الفرصة مع التاريخ من أن يتحول إلى حزب و الخروج من دائرة الجماعة الملتفة حول شخص ويكَون مؤسسة حزبية حقيقية، بدل البقاء في جماعة متمحورة حول شخصية عبد الإله بنكيران”.
وزاد أنه ”رغم الخطاب المؤسساتي الذي يتحدث عن المشروع والبرنامج، غير أن تصريحات قياداته وسلوكياتهم عن انشغال مستمر برد الاعتبار لـ”إهانة العزل” التي تعرض لها بنكيران بفعل خدلان أصحابه، أكثر من الانشغال ببناء رؤية سياسية مؤسساتية بديلة”.
وأشار إلى أن “الشخصنة المفرطة للعمل السياسي تعيق تطور الحزب وتجعله أسير صراعات شخصية وثارات سياسية، بدلاً من التركيز على تطوير خطابه وأدائه المؤسساتي. كما تعكس تصرفاته تناقضاً بين الادعاء بالتجديد السياسي والاستمرار في نفس مربعات الولاء الشخصي والعاطفي للقيادة، مما يضعف قدرته على تقديم نفسه كبديل سياسي ناضج ومتجاوز لمنطق الجماعة المغلقة””.
في السياق الاقليمي والدولي، يوضح لزرق أن مؤتمر حزب العدالة والتنمية، واجه ”تحديًا كبيرًا في صياغة مخرجاته النهائية في ظل قرار الأردن بحل جماعة الإخوان المسلمين، إذ يضع الحزب أمام معادلة صعبة بين التضامن مع الحركات الإسلامية والحفاظ على مكانته السياسية”.
وكشف أن مخرجات المؤتمر كانت بلغة ”أكثر حذرًا وواقعية” في التعامل مع التحولات الإقليمية والدولية، مع تركيز متزايد على القضايا الوطنية المغربية وتقليص الخطاب الأيديولوجي العابر للحدود.
كما قد يتجه الحزب، وفق ذات الباحث، نحو تبني استراتيجيات جديدة تؤكد على استقلالية الحزب التنظيمية والفكرية عن الإخوان المسلمين، وقد يتم طرح مبادرات لإعادة تموضع الحزب ضمن المشهد السياسي و سياق اقليمي بما يتلاءم مع الظروف المتغيرة، مع التشديد على قيم الاعتدال والمشاركة السياسية ضمن الاطار المؤسساتي.
وخلص إلى أن شعبية ومستقبل حزب العدالة والتنمية سيعتمدان بشكل كبير على المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية، إضافة إلى قدرة الحزب على تجديد خطابه وتكييفه مع التحديات الراهنة.
فالسياق الدولي والإقليمي الذي صعد فيه الحزب بقيادة بنكيران، وفق لزرق دائما، قد تغير، وباتت المعادلات السياسية أكثر تعقيدًا، خاصة مع تراجع موجة “الربيع العربي” التي استفاد منها الحزب سابقًا. كما أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تواجه المنطقة تتطلب خطابًا واقعيًا يتجاوز الشعارات الإيديولوجية، وهو ما قد يشكل تحديًا للحزب في محاولته استعادة زخمه السابق واستقطاب فئات جديدة من الناخبين، خاصة الشباب الذين باتوا يبحثون عن حلول ملموسة لمشاكلهم اليومية.
العدالة والتنمية لم يكن يوما حزبا سياسيا بل هو عبارة عن زاوية تضم مريدين ومريدات . انتهى الكلام .