لماذا وإلى أين ؟

باحثان يحللان ما بين أسطر الرسالة الملكية لتهنيئة بنكيران

بعث الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى عبد الإله ابن كيران، بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، حيث أعرب الملك عن متمنياته بكامل التوفيق في مواصلة (بنكيران) مهامه القيادية الحزبية، بما يعزز حضور الحزب في الساحة السياسية الوطنية، وإسهامه الفاعل، إلى جانب باقي الأحزاب والهيئات السياسية الموقرة، بالجدية وروح المسؤولية، في تأطير المواطنات والمواطنين خدمة للصالح العام، ومواكبة مسيرة التنمية الشاملة التي نقودها للارتقاء ببلادنا في مدارج الحداثة والتقدم والازدهار.

وطالب الملك، بنكيران بإبلاغ عبارات تقديره لعضوات وأعضاء حزب العدالة والتنمية، مثمنا تشبثهم الراسخ والمعهود بمقدسات الأمة وثوابتها، وحرصهم الدؤوب على خدمة المصالح العليا للوطن التي تسمو فوق كل اعتبار.

واختلفت التأؤيلات حول الرسالة الملكية الموجهة لـ”البيجيدي”، بين من يرى أنها رسالة عادية لا تختلف عن الرسائل التي توجه عادة إلى الأمناء العامين للأحزاب الذين تنتخبهم قواعدهم، وبين من يرى أن الرسالة الموجهة لـ”المصباح” مختلفة، حيث لم تتم الإشارة إلى الخصال الإنسانية لأمين العام على عكس ما حدث في تهنئة لشكر وفاطمة الزهراء المنصوري مثلا، وأن رسالة العدالة والتنمية تختلف بالتركيز على أن “المصالح العليا للوطن تسمو فوق كل اعتبار”.

في هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، أن الرسالة الموجهة لحزب العدالة والتنمية قد تشكل تحولا في أنماط رسالة التهنئة التي ستوجه مستقبلا إلى الأمناء العاميين المنتخبين، وذلك بتغليب منطق المؤسسة على منطق الشخص.

وأوضح لزرق الذي كان يتحدث لـ”آشكاين”، أن التهنئة الملكية موجهة إلى حزب العدالة والتنمية باعتباره مؤسسة حزبية وللأمين العام المنتخب كمؤسسة وليس كشخص، مضيفا أن هذا يمكن اعتباره إشارة من الملك بضروة التحول إلى المنطق المؤسساتي. وهذه الإشارة هي التي جعلت الرسالة تختلف عن غيرها من الرسائل الملكية التي قد تتضمن إشادة بالخصال الإنسانية للأمناء المنتخبين.

فالرسالة الموجهة لبنكيران، وفق المتحدث، تميزت بطابعها الرسمي البحث الذي يركز على الاعتراف بالعملية الإنتخابية ونتائجها دون الخوض في المديح الشخصي أو الإشادة بالصفات الفردية، ما يمكن اعتباره إشارة بأولوية المؤسسات على الأفراد، وترسيخ لمبدأ الفصل بين الاعتراف بالشرعية السياسية وبين التقدير الشخصي، مما يعزز ثقافة سياسية تقوم على احترام الأدوار المؤسساتية وتجاوز العلاقات الشخصية في التعامل مع قضايا الشأن العام.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فإن هذا النمط من الرسائل يرتقب أن يكون هو المعتمد في الفترات القادمة في التعامل مع مختلف الاحزاب السياسية، مشيرا إلى أن ذلك يرجع للتحولات الدولية التي تفرض من الجميع المشاركة في الدفاع عن مصالح الوطن من خلال تقوية منطق المؤسسات، خاصة أنه لا يمكن أن يكون المغرب بلد الخيار الديمقراطي بدون بناء دولة المؤسسات، ومدخل ذلك هو الأحزاب السياسية واشتغالها بمنطق المؤسسة وليس منطق الأفراد.

أما المحلل السياسي وعضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية؛ نبيل الأندلوسي، فيرى أن رسالة التهنئة الملكية، هي أولا وأخيرا تهنئة ملكية لأمين عام حزب سياسي وطني قاد الحكومة المغربية لولايتين، وهو عرف رسّخته المؤسسة الملكية تفاعلا مع مؤتمرات الأحزاب السياسية، ولا يمكن تحميل هذه الرسالة أكثر مما تحتمل.

وأوضح الأندلوسي في تصريح لـ”آشكاين”، أن التهنئة أعربت عن متمنيات جلالة الملك للأمين العام المنتخب “بكامل التوفيق” في مواصلة مهامه القيادية الحزبية، وثمنت تشبث عضوات وأعضاء حزب العدالة والتنمية، “الراسخ بمقدسات الأمة وثوابتها” وحرصهم “الدؤوب على خدمة المصالح العليا للوطن التي تسمو فوق كل اعتبار”، مشددا على أن الصياغة واضحة وهي تثمين التشبث وليس دعوة للتشبث كما يحاول البعض ترويجه.

ويعتبر عضو “البيجيدي”، أن “الفاعل السياسي والإعلامي مطالب برفع مستوى النقاش العمومي، لما هو أهم والاشتغال على توحيد الجبهة الداخلية والنقاش السياسي الصحي البناء لما يخدم مصالح المغرب بأفق استراتيجي وعمق وطني يستحضر التحديات الحقيقية لبلادنا”، مردفا أن “محاولة استنباط تعسفي أو قراءة اختزالية لمضامين تهنئة ملكية فلا تخدم وطننا، ويجب الانتباه لخطورة الخطابات الاستئصالية”.

وخلص الأندلوسي بالتأكيد أن المؤسسة الملكية لها دور مركزي، ومحوري في الحياة السياسية، وهي محايدة وعلى نفس المسافة من جميع الفرقاء، مبرزا أنه من غير المقبول تقديم أي قراءة تعسفية لمضامين التهنئة تناقض ما ورد فيها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
بويشو
المعلق(ة)
29 أبريل 2025 19:54

التحليلات الزرقاء

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x