2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
شمال أكادير تحت رحمة عصابات المخدرات

آشكاين من أكادير/محمد دنيا
“بعد أن كانت جماعة أورير؛ منطقة تزخر بمؤهلات سياحية هامة ومتنوعة، تجذب بهدوئها عددا كبيرا من السياح من مختلف المدن المغربية والعالمية، أصبحت اليوم من أهم معاقل العصابات الإجرامية، ومن أبرز المناطق التي توفر المخدرات بكل أنواعها وأشكالها”، هكذا حال لسان المواطن بجماعة أورير التي تقع على بعد إثني عشر كيلومتراً شمال مركز مدينة أكادير، يحن إلى الماضي القريب حيث ينعم فيه بالأمن والطمأنينة، في واقع أمني أصبح اليوم مختلا ومضطربا.
صراع بين عصابات المخدرات يكسر سيارة الأمن
تعيش ساكنة جماعة أورير على وقع الخوف والفزع، جراء حرب عصابات المخدرات التي تندلع بين الفينة والأخرى، آخرها كان نهاية الأسبوع المنصرم، بسبب دخول أفراد من عصابة تتاجر في المخدرات الصلبة نفوذ عصابة أخرى، لتنشب مواجهات دامية بين الطرفين استعملت فيها الهراوات والأسلحة البيضاء بمختلف أشكالها، خلفت إصابة العديد منهم بجروح خطيرة وتكسير سيارات الدرك الملكي.
عضو مجلس جماعة أورير؛ إبراهيم الكرير، قال إن “ما يقع بجماعة أورير من تأزم الوضع الأمني بسبب عصابات المخدرات أمر مؤسف”، مضيفاً في تصريحه لــ”آشكاين”، “أحمل مسؤولية ذلك لمجلس جماعة أورير الذي يصادق على المقرارات دون متابعتها، حيث أننا صادقنا على رفع ملتمس إلى وزارة الداخلية قصد إحداث مفوضية الأمن الوطني بالمنطقة منذ ماي 2016؛ لكن دون جدوى”، موضحاً أن “الأحزاب السياسية والجمعيات المحلية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الباب، باعتبار أنها لا تقوم بدورها في تأطير الشباب، الذي فقد البوصلة وكان الشارع ملاذه ومحتضنه”.
وأكد نائب رئيس لجنة المرافق العمومية بمجلس جماعة أورير، أن “هذه الأخيرة تفتقر للمرافق الرياضية والثقافية والترفيهية، التي يمكن للشباب إبراز مواهبهم وتفجير طاقاتهم من خلالها، بدل السقوط في بحر الإنحراف والإجرام”، مُردفا في السياق ذاته أن “منطقة أورير السياحية هي ضحية سياسات المجالس المنتخبة المتعاقبة التي تتسم بالعشوائية وسوء التسيير وضعف النخب السياسية” وفق تعبير الكرير.
ساكنة تعاني وجمعيات تستغيث بدون جدوى
أملا في إستتباب الأمن بمنطقة أورير، أقدمت الساكنة مؤخرا على مراسلة عدد من الجهات عن طريق شكاية وقعت من طرف أزيد من مئة جمعية عاملة بالنفوذ الترابي لأورير، طالبت من خلالها كلا من وزير الداخلية وقائد القيادة الجهوية للدرك الملكي بأكادير، بـ”التدخل العاجل من أجل العمل على توفير الأمن وإستتبابه، ووضع حد للوضع الأمني المتردي الذي يسود أغلب أحياء المنطقة”.
وأوضحت الشكاية التي توصلت “آشكاين” بنسخة منها؛ أن “المجرمين يكونون سادة أزقة أورير يعربدون هنا وهناك، ويترأى لمعان سيوفهم من بعيد، وتتعالى أصواتهم بالسب والشتم والكلام الفاحش تحت وطأة السكر والمخدرات، وأصوات دراجاتهم النارية توقظ النائمين ليلا”، حسب مضمون الشكاية.
“جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة دائمة التفاعل مع الإكراهات التي تؤرق ساكنة أورير بخصوص الأمن”، يقول الفاعل المدني ناصر أزوفري، موضحا أن “النسيج الجمعوي وقع شكاية حول الأوضاع الأمنية المتدهورة بالمنطقة، جراء تفاقم السرقات والإعتداءات المتكررة والتي وصلت إلى حد القتل”، مؤكدا في تصريحه لـ”آشكاين”؛ “راسلنا عددا من المسؤولين؛ ومنهم قائد قيادة أورير الذي رفض تسليم الشكاية، واستخف بمبادرة أزيد من مئة جمعية رغم استمرار وتفاقم هاته الجرائم يوما بعد يوم”، وفق تعبير المتحدث.
المعارضة: التدهور الأمني نتاج لتوقف عجلة التنمية
من جهته، أكد المستشار الجماعي محمود الضعزيز أن “الوضع الأمني بالمنطقة عرف تدهورا في السنوات الأخيرة، بفعل إستفحال عمليات السرقة والسطو على المنازل والمحلات التجارية؛ إلى جانب التجارة في المخدرات وما يصاحب ذلك من إعتداءات متكررة على المواطنات والمواطنين”، مبرزا في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “المجلس الجماعي عمل على رفع ملتمس إلى وزارة الداخلية قصد إحداث مفوضية الأمن الوطني بأورير، لكن هذه المبادرة لم يتم متابعتها من طرف مسيري المجلس”.
وأوضح عضو فريق حزب العدالة والتنمية؛ الذي يتموقف في صف المعارضة، أن “المقاربة الأمنية رغم أهميتها لا تكفي للقضاء على ظاهرة الإجرام والآفات السلبية بالمنطقة، في غياب مقاربة تنموية حقيقية تجعل المواطن؛ خصوصا الشاب في صلب إهتماماتها”، مردفا أن “ما نعيشه اليوم من إنفلات أمني بجماعة أورير، هو نتاج للوضع الكارثي للتعليم وتزايد نسبة الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ، الأمر الذي يؤدي بالشباب إلى الإنحراف وبالتالي الإجرام”، مشددا على أن “جماعة أورير تشهد توقف عجلة التنمية على جميع الأصعدة”، وفق المتحدث.
تدخل البرلمانيين لم يجدي نفعا
سبق للنائب البرلماني عن دائرة أكادير إداوتنان؛ عبد الله المسعودي، أن تقدم بسؤال كتابي إلى وزير الداخلية حول ما أسماه “الإنفلات الأمني بجماعة أورير”، حيث أكد أن “هذه الأخيرة تعيش على واقع متردي بسبب الإنفلات الأمني الخطير الذي تشهده بشكل شبه يومي”، موضحا أن الأمر “يشكل تهديدا لأرواح الساكنة ومصالح التجار، بسبب عمليات السرقة في واضحة النهار، والإعتداء على المارة بالسلاح الأبيض وعمليات الإختطاف”.
وأبرز النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، من خلال السؤال الكتابي الذي تتوفر “آشكاين” على نسخة منه، أنه “رغم المجهودات الأمنية المبذولة، فإنه في ظل قلة أفراد الدرك الملكي الموكول لهم العمل في هذا النفوذ الترابي، وبالنظر لكثافة الساكنة وافتقار الجماعة لمفوضية أو منطقة للشرطة، يستدعي الأمر ضرورة العمل على تبني تدابير إستعجالية للحد من هذا الإنفلات الأمني”، على حد تعبير الوثيقة.
رئيس المجلس ينفي الإنفلات الأمني ويؤكد تجارة المخدرات
من جهة أخرى، نفى رئيس المجلس الجماعي لأورير؛ الحسن بلقاضي، أن يكون هناك إنفلات أمني بمنطقة أورير، موضحا في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “الإشكال هو أن عدد أفراد الدرك الملكي الموكول لهم العمل في النفوذ الترابي لجماعتين ترابيتين أورير وتغازوت، قليل جدا؛ وغير كافي، ولا يتوفرون على الإمكانيات اللازمة لتغطية هذا المجال الترابي الواسع جدا، الأمر الذي يجعل منطقة أورير ملاذا للمنحرفين”، مبرزا أن “التضاريس الجغرافية التي تطغى عليها الجبال والهضاب، أسهم في إحتواء هذه العصابات”.
وأكد بلقاضي، أنه “بالفعل جماعة أورير تعاني من آفة المخدرات بكل أشكالها، ويجب محاربة هذه التجارة الخطيرة وبذل مجهود في سبيل تقديم كل المتورطين للعدالة”، مشددا في السياق ذاته؛ أن “السلطات الأمنية تقوم بواجبها رغم ضعف الإمكانيات، وقد تمكنت من القبض على بعض تجار المخدرات، لكن ما يزال عدد كبير منهم حرا طليقا يمارس تجارته في المحرمات”، مضيفا “صحيح أن هناك سرقات بالليل والنهار وإعتداءات متكررة على المواطنين، لذا يجب تقوية الأمن بهذه المنطقة”.
وأوضح الكاتب المحلي لحزب الأصالة والمعاصرة، أنه “قمنا كمجلس منتخب برفع ملتمسين إلى وزارة الداخلية قصد إحداث مفوضية الأمن الوطني بأورير، لكن لازلنا ننتظر، خصوصا أننا نتوفر اليوم على عقار لبناء مفوضية الشرطة”، مشددا على أن “المنطقة بحجم تعداد ساكنتها البالغ ما يفوق 37500 نسمة، وباعتبار أنها تمثل المركز التجاري الرئيسي وقطب إقتصادي مهم بعمالة أكادير إداوتنان، هي في أمس الحاجة إلى مفوضية الأمن للقضاء على كل الآفات السلبية”، وخلص المتحدث إلى أن “الساكنة بدورها تتحمل قسطا من المسؤولية فيما يقع، بحيث أن أغلب من يتعرضون للإعتداء لا يبلغون عن ذلك لدى السلطات المختصة، وهذا خطأ”، على حد تعبير رئيس المجلس الجماعي لأورير.