لماذا وإلى أين ؟

لو اتحدوا لكانوا دولة عظمى

وكالات

أحدث قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، هزة وصدمة على مستوى العالمين العربي والإسلامي، وتسارعت بيانات التنديد والاجتماعات العاجلة سواء على مستوى وزراء الخارجية العرب أو على مستوى منظمة المؤتمر الإسلامي، وخرج المجتمعون بتوصيات اعتبرت القرار لاغياً وكأنه لم يكن، لكن يطرح السؤال عن مدى تأثير الرفض العربي والإسلامي في دفع الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار وكبح جماح إسرائيل في وقف تهويد القدس الشرقية وقطع أوصالها بالمستوطنات وتهجير أهلها، وهي عاصمة الدولة الفلسطينية الموعودة وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الإسراء والمعراج، وفيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة، وبالتالي ما هي قوة التأثيرالعربية على الأقل، إن لم نقل المسلمين، على اعتبار ان القضية الفلسطينية هي قضيتهم المركزية وتداعياتها تنسحب على كل أ العربية وما الذي يملكه الوطن العربي من إمكانيات في هذا الصدد، خاصة وان قوة الحق وحدها لا تكفي ولا بد من ترجمتها على أرض الواقع، والزعيم جمال عبد الناصر كان محقاً عندما أطلق شعار: “ما أخِذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”.
وبعملية حسابية بسيطة ومعادلات منطقية يمكننا التأكيد ان التأثير العربي في مجرى الصراع العربي الإسرائيلي كبير جداً وفوق التصور ويستطيع فرض إرادته على الدول العظمى مهما كان جبروتها، لكن بشرط ان تتوحد كلمة العرب وتصفو نواياهم تجاه بلدانهم ويوقفوا التدمير الذاتي لدولهم ومجتمعاتهم ويسخروا إمكانياتهم غير المحدودة في سبيل التحرير(وفي الاتحاد قوة). فكيف ذلك وهل هذا وارد؟

موقع ومساحة وسكان الوطن العربي من المحيط الى الخليج 

فالوطن العربي الكبير من المحيط الى الخليج يضم جغرافياً واحدة متصلة ببعضها البعض ذات تاريخ ولغة وثقافة مشتركة ومصير مشترك، وهو يمتد من المحيط الأطلسي غرباً إلى بحر العرب والخليج العربي شرقاً، وتبلغ مساحته حوالي 14 مليون كلم² تقريباً أي بنسبة 10.2 في المئة من اليابسة، وبالتالي يحتل المركز الثاني عالميًا من حيث المساحة خلف روسيا (17,1 مليون كيلومتر مربع) ويسبق كلًا من كندا (9,98 مليون) والولايات المتحدة (9,63 مليون).ويضم الوطن العربي 22 دولة عربية، عشرة منها في إفريقيا بمجموع مساحة تقدر بحوالي عشرة ملايين كم مربع و12 دولة في آسيا بمجموع مساحة تبلغ حوالي 3.7 مليون م2. كما يبلغ أقصى امتداد له من الشرق إلى الغرب 6000 كلم ومن الشمال إلى الجنوب 4000 كلم. ويقع وسط قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتمتد أراضيه في آسيا وأفريقيا ويفصل بينهما البحر الأحمر، ويطل على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر العربي وعلى محيطين هما المحيط الأطلسي غرباً والمحيط الهندي شرقاً. وتظهر أهمية موقع الوطن العربي بوقوعه بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، ما يجعله جسراً بينها ويتحكم بممرات مائية هي باب المندب، الخليج العربي، باب السلام، قناة السويس،مضائق تيران ومضيق جبل طارق لا بل يبلغ طول سواحل هذه البلاد بين البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي 19 ألف كيلومتر لتصبح في المركز التاسع عالمياً وتستطيع بذلك التحكم بطرق التجارة العالمية بين أوروبا وآسيا نتيجة تحكمها التام في قناة السويس والبحر الأحمر وبحر العرب.

وهذا الوطن يشمل كل الدول العربية المنضوية تحت لواء الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1945 حتى اليوم وهي 22 دولة دخلت تباعا الى الجامعة بدءاً من جمهورية مصر العربية، جمهورية العراق، الجمهورية العربية السورية، الجمهورية اللبنانية، المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة العربية السعودية، الجمهورية اليمنية، دولة ليبيا، جمهورية السودان، المملكة المغربية الجمهورية التونسية، دولة الكويت، الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، مملكة البحرين، دولة قطر، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، جمهورية الصومال، دولة فلسطين جمهورية جيبوتي وجمهورية جزر القمر المتحدة التي انضمت الى الجامعة عام 1993 وهي الوحيدة التي لا تربط بوحدة جغرافية مع باقي البلدان العربية كونها تقع في المحيط الهندي في جنوبي القارة الإفريقية، حيث يبلغ عدد سكان الوطن العربي حوالي 386 مليون نسمة أي في المركز الثالث عالميًا خلف الصين (1,37 مليار نسمة) والهند (1,27 مليار نسمة)، بينما ستسبق الولايات المتحدة (320 مليون نسمة) وهم ينتمون الى كل الديانات السماوية وإن كانت الغالبية تدين بالإسلام، إضافة الى الأعراق العربية والكردية والأمازيغية والنوبية والزنجية والكلدانية والبدو وما شابه، وهذا التنوع مصدر غنى لهم

الثروات الطبيعية والمقدرات العسكرية

أما بالنسبة للثروات الطبيعية فالوطن العربي ينتج حوالي 25,6 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل ثلث إنتاج العالم تقريبًا، ما يجعله المتحكم الرئيسي في أسعار النفط العالمية، واحتياطه النفطي يصل الى 772 مليار برميل من النفط أي ما يوازي 65 في المئة تقريبًا من إجمالي الاحتياطي الخاص بمنظمة أوبك، فيما يبلغ إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي حوالي 54,5 تريليون متر مكعب، وهو ما يوازي 30 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي والإنتاج يصل الى 523,4 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا وهو ما يوازي 12 في المئة من إجمالي إنتاج العالم، ويجعله في المركز الثالث خلف كل من الولايات المتحدة وروسيا. ومساحة الأراضي الصالحة للزراعة تبلغ أكثر من 601 ألف كيلومتر مربع مما يجعله في المركز السادس خلف كل من الولايات المتحدة والهند والصين وروسيا والبرازيل.
وإجمالي الدخل القومي للوطن العربي حوالي 2,75 تريليون دولار أمريكي مما يجعله في المركز الرابع عالميًا كأكبر دخل قومي، فيما متوسط دخل المواطن العربي يبلغ تقريبًا 7124 دولار سنويًا مما يجعله في المركز رقم 79 عالميًا من إجمالي 184 دولة، وقيمة الديون الخارجية تبلغ قرابة 762 مليار دولار ما يجعله في المركز الثامن عشر عالميًا.
أما عسكرياً فبلادنا تستطيع إنشاء أكبر جيش في العالم يصل تعداده الى 2,5 مليون جندي، وهو جيش أكبر من الجيش الصيني البالغ عدد جنوده في الخدمة 2,3 مليون جندي. كما يبلغ هذا الجيش ضعف عدد القوات الأميركية النشطة، وإجمالي قوات الاحتياط سيكون حوالي 3,3 مليون جندي، لتصبح في المركز الثالث بعد كل من فيتنام وكوريا الشمالية.
أما ترسانة الأسلحة فتضم 5 آلاف طائرة أي في المركز الثاني عالميًا خلف الولايات المتحدة، وعدد القطع البحرية الحربية بمختلف أنواعها قرابة 1100 سفينة لتصبح في صدارة دول العالم تليها كوريا الشمالية برصيد 1061 قطعة حربية بحرية، فيما يقدر عدد الدبابات بحوالي 18 ألف دبابة تتربع بها على عرش العالم بلا منازع حيث تأتي خلفها روسيا بإجمالي 15 ألف دبابة.
والموازنة العسكرية تبلغ حوالي 123 مليار دولار لتصبح في المركز الثالث خلف كل من الولايات المتحدة (577 مليار دولار) والصين (145 مليار دولار).

العرب دولة عظمى بلا منازع

فهذه الأرقام تجعل من البلاد العربية الدولة العظمى في العالم بلا منازع، وهذا ما نبّه العالم الطامع به الى إمكانية ان تتوحد هذه الأمة يوماً فزرع فيها بعد استعمارها بذور الشقاق العرقي والتفرقة الطائفية والمذهبية وقسمها الى دول ودويلات ومشايخ وإمارت قبلية تتقاتل (سايكس بيكو) وزرع في قلبها السرطان الصهيوني (وعد بلفور) واحتل أجزاء منها، والعرب نائمون غافلون لم يستفيقوا ويتنبهوا الى ما يحاك لهم (تنبهوا واستفيقوا أيها العربُ.. فقد طمى الخطبُ حتى غاصتِ الركبُ فيم التعللُ بالآمالِ تخدعُكُمْ.. وأنتم بين راحاتِ القنا سُلُبُ) كما يقول ابراهيم اليازجي.
واليوم وبذريعة نشر الديموقراطية في بلادنا استولد الغرب ما يسمى”الربيع العربي” ودعم التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تكفلت بإعادة بلادنا 50 سنة الى الوراء وعززت الانقسامات على أنواعها وأججت الأحقاد، حتى ان الإحصاءات عن تكلفة الربيع العربي الصادرة حديثاً تقول إنها وصلت الى نحو 8337 مليار دولار تشمل خسائر إعادة البناء والناتج المحلي والسياحة وأسواق الأسهم والاستثمارات، بالإضافة إلى إيواء اللاجئين إضافة الى حجم الضرر في البنية التحتية البالغ 461 مليار دولار، والخسارة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي بلغت 289 مليار دولار، فيما بلغت خسائر أسواق الأسهم والاستثمارات أكثر من 35 مليار دولار، وخسرت الأسواق المالية 18.3 مليار دولار وتقلص الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 16.7 مليار دولار، وتراجع تدفق السياح بحدود 103.4 مليون سائح بين العامين 2010 و2014. وتسبب “الربيع العربي” أيضا بتشريد أكثر من 14 مليون شخص، أما تكلفة اللاجئين فبلغت 48.7 مليار دولار.
خلاصة القول ان رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو قال في تصريح تداولته وسائل التواصل الاجتماعي مرفقاً بصور عما يحدث في بعض الأقطار العربية من رقص للرجال كما حال النساء، إذ قال مخاطباً العرب: “القدس عاصمتنا رغم أنوفكم ومن يظن ان العرب قادرون على محاربتنا، فلينظر إليهم أين هم الآن، لقد إنتهت رجولتهم ولن تعود القدس لهم”. وهذا يعيدنا بالذاكرة الى ما قالته السيدة عائشة لإبنها أبو عبد الله محمد الثاني عشر آخر خلفاء الأندلس وهو يلقي النظرة الأخيرة على غرناطة بعد هزيمته وسقوطها: “ابكِ كالنساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال”.”.
فهل يصحو العرب بعدما قالت عنهم رئيس وزراء العدو الراحلة غولدا مائير إنهم أمة نائمة بعد إحراق اليهود للمسجد الأقصى عام 1969 أم سيبقون في ثباتهم واقتتالهم ونكاياتهم وأنانياتهم، وهل نحلم يوماً بأن يتحد العرب ولو في الحد الأدنى من محيطهم الى خليجهم بسبب القدس والأقصى، أم نردد مع أحلام مستغانمي التي قالت: “لا أعرف أمةً غير “العرب” تكفلت بتحقيق أمنيات أعدائها وخاضت الحروب نيابة عنهم”؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x