2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
التعليم! وظيفة لمن لا شغل له..

مع ٱختيار وزارة التربية الوطنية للتوظيف بالعقدة وارتفاع عدد المناصب مقابل سنوات مضت، أضحى كل من يحمل شهادة في أي تخصص يترشح لمباريات التعاقد دون علم بأهوال الميدان وأحواله.
ويظهر لنا تخبط الوزارة في التدهور الذي أضحت تعيشه المدرسة المغربية وانعدام القيم داخل الحقل التربوي. فأصبح هذا التعليم “المسكين” ملاذ من قطن بالكلية لسنوات يقاطع الامتحانات لأنها صادفت شهر رمضان، وأنه لا يمكن أن يجتاز في ذلك الشهر لسهره مع رفاقه قصد لعب “الروندا” و “الرامي”… ولم يحصل على تلك الشهادة إلا بعد مرور عدة سنوات حتى أصبح القمل يلعب في شعره الشبيه بشعر بوب مارلي، وظل محتلا لغرفة الحي الجامعي رغم انتهاء تكوينه بالكلية.
حماقة الحكومة وإنسانية رئيسها المعكوسة لم تقف عند هذا الحد، بل تم حذف شرط السن الذي كان سابقا (45سنة) وتم تحديده خلال المباراة القادمة في 55 سنة بشكل استثنائي من أجل تمكين البالغين من هذا السن من ولوج سلك التدريس رغم كِبَر سنهم.
كيف سيشتغل هؤلاء في ظل تطور الأجيال وتغيُّر الأوضاع بشكل كبير؟ ألا يمكن اعتبارها حملة انتخابية سابقة لأوانها يحاول رئيس الحكومة أن يرضي فئة معينة من أجل كسب التعاطف والأصوات؟ إذا كان الأستاذ حاليا يبلغ من العمر 45 سنة ويصاب بالعياء والإرهاق الشديدين جراء ضغط المهنة، فكيف سيشتغل المدرِّس الجديد والذي يفوق عمره الخمسين سنة؟!
ومما زاد الطين بلة هو قيام الوزارة الوصية بإلغاء الانتقاء الأولي تحت شعار “تحقيق تكافؤ الفرص”، وهنا نتساءل إذا كانت الوزارة تدعي أنها تحاول تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة المغاربة، فلم صرفت الأموال الطائلة في تكوين طلبة في إطار “المشروع الحكومي 10000 إطار” وما زالت منهم قرابة الألفين لم تلج ميدان التربية والتكوين، بعد أن صرفت على تكوينهم المهني 161 مليون درهم. ثم لم جعلت أبواب المدارس العليا للأساتذة بالمغرب مفتوحة لحاملي الباكلوريا، والذين يخضعون لانتقاء أولي ثم مباراة كتابية فشفوية، ويتلقون تكوينا نظريا وتطبيقيا في التخصص وعلوم التربية خلال ثلاث سنوات، والتي يتوجونها باجتياز تدريب ميداني بالمدارس العمومية ومناقشة بحث التخرج.
فإذا كان الطالب بهاته المؤسسات يدرس في هاته المدة وقد يتلقى خلالها منحة جامعية، وتُصرَف الرواتب على الأساتذة الجامعيين مقابل تكوين الطلبة… ويفاجأوا في الأخير بإلغاء الانتقاء الأولي وهو الميزة الوحيدة التي ظلت بجعبتهم بعد أن فقدوا عدة ميزات بسبب تهور رئيس الحكومة السابق. أ يمكن القول الآن أن هاته المدارس أصبحت بدون قيمة؟ أ يمكن اعتبار أن اِسم هاته المدارس “المدرسة العليا للأساتذة” أكبر من حجمها الحقيقي؟!
في الحقيقة على الوزارة أن ترد الاعتبار لكل مؤسسة جامعية، وترفع من قيمتها لا أن تجعل الجميع في قبضة واحدة ويختلط حينها الحبل بالنابل، وتصفعهم جميعا بين الفينة والأخرى دون أن تنتظر منهم ردة فعل قوية توقفها عند حدها.
إن المدارس العليا للأساتذة كانت ولا زالت مؤسسات يتخرج منها طلبة – أساتذة يحملون في عقولهم همَّ النهوض بميدان التعليم وعدم جعله في ركود، وذلك نظرا لما عايشوه قبل ولوج هاته المدارس وأثناء تداريبهم التي جعلتهم يحتكون بالواقع بشكل أقرب.
إن بعض المسؤولين يريدون أن يلقوا بالتعليم في نهار التهلكة، ويجعلونه نقطة سوداء في تاريخ الوطن ويضعوا بعدها حمل العبء فوق أكتاف الأستاذ الذي لا حول له ولا قوة.