2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
نقابات بين النضال الرصين وسياسة الريع ومقاولات الارتزاق..

جمال الفقير
يتطلب النضال النقابي الرصين أن يتعامل المناضل بنزاهة واستقلالية مع كل ما يعرض أمامه على أساس ديمقراطي وبعيدا عن البيروقراطية والارتزاق والارتماء نحو الريع والمقاولة.
لا غرو أن مهمة المناضل النقابي نبيلة في أسمى تجلياتها، فهو يصوغ الملفات المطلبية ويتخذ المبادرات الحكيمة من أجل إيجاد حلول للملفات والمساعدة على إعادة حقوق الشغيلة التي قد تتعرض للحيف. ومعنى ذلك، أن النقابة على عاتقها وقف نزيف الاستغلال الذي قد يتعرض له البعض والحد منه بعيدا عن سياسة الأقوال دون الأفعال، والبلاغات والبيانات الكاذبة.. شتان بين القول النضالي والفعل النضالي، فإن لم يكن مركزيا أو جهويا سيكون محليا..
ولعل هذا الواقع هو ما نجده الآن لصيقا ببعض فروع النقابات أو قل للدقة بعض مرتزقتها الذين يختارون الاصطفاف إلى جانب الارتزاق والمصلحة الخاصة. فيتحول ” حاميها إلى حراميها”، غافلا قول “وأنذر عشيرتك الأقربين”، وعاملا بمنطق “القانون أنا وأنا القانون، فأنا النقابة وأنا الزعيم”..
لا زالت بعض العقليات في بعض الفروع الجهوية والمحلية تعمل بهذا المنطق للأسف ونحن على أعتاب 2019.. غافلة أن النضال النقابي في قطاع التربية والتعليم بالمغرب ينبغي عليه النضال من أجل الدفع إلى تحصين المكتسبات، وتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للأساتذة والأستاذات، وحمايتها، والأخذ بيدها وإنارة الطريق لها بدل العمل على محاولة الطعن من وراء والمفاوضة من وراء حجاب باسم النضال والمبادئ وباسم النقابة التي ضحى من أجل قيامها وخروجها للعلن العديد من المناضلين العدماء إن وطنيا أو دوليا..
معنى ذلك، أنه ينبغي على النقابة المعلومة أو بالأحرى الفروع النشاز أن تزرع بذور النضال الحقيقي وإعطاء المثل الأعلى كي يتحقق الوعي عند المنخرطين من الأساتذة والأستاذات إن حسيا أو إدراكيا أو إنتاجيا.. أما محاولة استغلال الحالة التي يكون عليها بعض الأساتذة والأستاذات من أجل الاقتيات على حسابهم ( جداول الحصص، والقاعات…) فهذا عمل سفيه فيه الكثير من الإسفاف والحضيض والانحطاط والانحلال..
لا نقول هذا الكلام افتراء، وإنما هو رد على من يتجاوز حدوده القانونية والإنسانية والاجتماعية إلى درجة الاستقواء بجسم نقابي معين والنبس بخطابات وألفاظ وأفكار أمام مرآى الجميع، بل وتعدي ذلك إلى محاولة المنع من مزاولة المهنة وتعطيل الحصيص الزمني للمتعلمين.
سلوكات لا علاقة لها بالنضال النقابي لا من قريب ولا من بعيد، وصلت إلى درجة السب والشتم ومحاولة إلحاق الأذى والافتراء، وإيصال أباطيل والرأي دون الآخر باسم النقابة، تعاملا بمنطق التوريط عوض الانشغال بوضع برامج نضالية داعمة للمظلومين، والاصطفاف وراء الحق والعدل والنزاهة، وتغليب العقل والمنطق بعيدا عن العاطفة الزائدة التي لا تسمن ولا تغني من جوع..
إن مثل هذه السلوكات المشينة تعني أمرين اثنين هما:
– إما أن بعض النقابيين -الزعماء الوهم- يحتاجون إلى تكوين نضالي متين مفعم بالمبدئية والديمقراطية والاستقلالية ( قبل أن يكونوا نقابيين).
– إما أنهم يمارسون النضال النقابي الريعي عن وعي وعن اطلاع اقتناعا بحاجتهم إلى الزعامات من أجل تحقيق المآرب الشخصية ولو على حساب الآخرين المنخرطين أو غير المنخرطين الذين من المفروض أن تدافع عنهم وتكون السند القويم والمرشد الذي يزيل الصعوبات والعراقيل..
إننا اليوم في حاجة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى من داخل النقابات وزعاماتها ومن يتحملون المسؤولية حماية للقانون النقابي. لأن المحاسبة هي الكفيلة بإنتاج نقابيين حقيقيين يدافعون عن المظلومين والمظلومات من الأساتذة والأستاذات -على سبيل المثال لا الحصر- بكل ما أوتي لهم من قوة. يحضرون في ذلك المنطق وروح القانون بعيدا عن الشبهات وسياسة ” انصر أخاك ظالما أو مظلوما إن كان أقرب المقربين” خاصة عندما تكون المساطر القانونية واضحة في النزاعات وبعد أن يتلاشى ما هو إنساني واجتماعي لوجود أسباب موضوعية وغاية في الدقة والتعقيد أعدمته وأقبرته..
لا مناص من أننا في حاجة إلى مناضلين نقابيين يدبرون الخلافات القائمة بوسائل قانونية لأن المرجع الأخلاقي لا يجب أن تسيره الأهواء الشخصية.
إن القوة الجماهيرية للنقابات وطنيا وجويا ومحليا تكتسب(بضم التاء) انطلاقا من مصداقيتها وممارساتها النزيهة والمنضبطة المتشبثة بالاستقلالية والمؤولية والوضوح والتأطير الجيد للمناضلين النقابيين وعدم توريط أشباه بعض زعمائها الفرعيين لها لحماية أقرب المقربين..
(يتبع)
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.