2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الفيزازي يقصف حامي الدين بسبب البيعة

خرج الشيخ السلفي محمد الفيزازي بمقال طويل يرد فيه عن تصريح سابق للمستشار البرلماني عبد العالي حامي الدين، تحدث فيه (حامي الدين) عن كون “البيعة سوى حفل بروطوكولي وطقوس تاريخية لم يعد لها أي مفعول من الناحية السياسية ولَم تعد ممكنة في دولة المؤسسات وأن الولاء الكامل ينبغي أن يكون للدستور فقط”.
الفيزازي نشر مقاله على صفحته الفيسبوكية، قبل ان يعمل على حذفه، بحسب ما أكده لـ”آشكلين”، دون أن يرغب في ذكر الأسباب التي جعلته يحذفه، مكتفيا بالقول “السيد فيه لي يكفيه” في إشارة لحامي الدين.
وفيمايلي نص مقال الفيزازي كاملا:
ليست البيعة فيما يتصوره الأستاذ حامي الدين القيادي الإسلامي ( سوى حفل بروطوكولي وطقوس تاريخية لم يعد لها أي مفعول من الناحية السياسية ولَم تعد ممكنة في دولة المؤسسات وأن الولاء الكامل ينبغي أن يكون للدستور فقط. وأن البيعة ليست فوق الدستور ولا تحت الدستور…)
قلت هذا الكلام غاية في الخطورة وموغل في العلمانية وتجفيف لسمة من سمات الإسلام ودعوة لتعطيل أساس متين من أسس نظام الحكم في الإسلام.
أما الدستور فقد عرفناه. وأما البيعة فيبدو أن د. حامي الدين حاد عن إدراك مفهومها الحقيقي داخل المنظومة السياسية لقيام الدولة الإسلامية.
إن البيعة ليست كما قال ذ حامي الدين. بل هي توجيه قرآني منصوص عليه في آيات بينات، وأوامر إلهية ونبوية وممارسة واقعية فعالة من طرف الخلفاء الراشدين والصحابة قاطبة رضي الله عنهم مرورا بتاريخ الإسلام كله إلى يوم الناس هذا حتى وإن كانت هذه البيعة لم يعد لها ذكر ولا ممارسة سوى في المملكة المغربية بصرف النظر عن طريقة ممارستها
قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ)
وقال سبحانه
(لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)
وقال عزّ من قائل:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ …فَبَايِعْهُنّ…)الآية
وهذا يكفي لنقول إن البيعة مصطلح قرآني نصا ومعنى.
وهي نظام حكم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأذكر بعضا من الأحاديث الصحيحة والصريحة في البيعة حتى لا يبقى هناك شك في أن ما ذهب إليه ذ. حامي الدين لا أصل له في دين الإسلام بل جاء الدين بنقيضه وبما يفرض البيعة فرضا ويجعلها ركنا من أركان النظام السياسي في الإسلام.
روى مسلم في صحيحه (ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)
حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بقتل من طلب البيعة في وجود من انعقدت له هذه البيعة قبله. فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر) رواه مسلم
وقال في حديث آخر(إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) رواه مسلم كذلك
إن البيعة ليست بروطوكولا كما قال أخونا بل هي عقد عقيقي وفعلي بين أهل الحل والعقد من العلماء والنخبة الفكرية وذوي التخصصات العالية والخبرة وبين الأمير المبايع على السمع والطاعة في المكره والمنشط والعسر واليسر وعدم نزع يد من طاعة وعدم شق عصى الجماعة. وكل ذلك في المعروف. وفِي الحديث الصحيح (إنما الطاعة في المعروف) رواه مسلم
وكلامي هنا عن البيعة لانعقاد الإمامة العظمى، وليست البيعة على جزئيات قد تدعو إليها الحاجة كما هو معلوم في الفقه الإسلامي بيعة على الموت وبيعة على عدم الفرار من ساحة الجهاد وما إلى ذلك…
إن خطورة ما قاله الأستاذ حامي الدين بليغة جدا من عدة جوانب.
أولها كونها صادرة عن قيادي إسلامي ينتمي إلى حزب ذي مرجعية إسلامية.
ثانيها أنها تجعل للدستور المحرر بشريا والمختلف عليه سياسيا أسمى وثيقة تعلو ولا تُعلى. بل في نظر الأستاذ يجب أن تلغى هذه البيعة أصلا باعتبارها مجرد طقوس وبروطوكل لا قيمة لها بجانب الدستور.
ثالثها كونها ترسخ للعلمانية باستبعاد ركن عتيد من أركان النظام الشرعي المغربي.
إن الدستور أي دستور في المملكة لا عبرة ولا قيمة له ولا يمكن ظهوره ابتداء ولا حتى التفكير في كتابته وصياغته فضلا عن طرحه للتصويت والاستفتاء عليه إلا في ظلال البيعة الشرعية لأمير المؤمنين.
ولهذا لا بد أن ينص الدستور أي دستور على نظام إمارة المؤمنين ومكانة أمير المؤمنين. بما يعني أن الدستور أي دستور هو تبع للبيعة الشرعية وليس فرعا عنها فضلا عن أن يُلغيها.
وفي الختام أتساءل لماذا نخرب بيتنا الإسلامي بأيدينا ونهدف إلى ما تبقى من تشريعات الله في هذا البلد
بالنسف والاستئصال؟
ذ حامي الدين مع المؤسسات واحترامها باعتبارها الوجه الحقيقي للديموقراطية. لكنه غفل عن كون البيعة في التصور الإسلامي والتصرف المغربي أم المؤسسات ورأسها، ولا مؤسسة يمكنها أن تعلو على مؤسسة إمارة المؤمنين، ولا مصداقية ولا معنى لهذه الإمارة إلا بالبيعة. فمن أراد ديموقراطية تُلغي هويتنا وديننا فالمغرب ليس هو البلد المناسب لذلك.