لماذا وإلى أين ؟

خبراء يكشفون كيف يخدم الإعلام العمومي الإسلام السياسي

في خضم الجدل الذي أثارته القنوات والإذاعات الرسمية الدينية المغربية، وما تلا ذلك من أخطاء مهنية وتجاوزات فادحة في المواد والمضامين الدينية، التي تعرض على شاشاتها أو تبث على أثير إذاعاتها، أعاد المهتمون بشؤون الإعلام المغربي نقاش الإعلام المغربي ومدى احترامه لقيم الوسطية والإعتدال من جهة، ومدى تماشيه مع الاتجاه الرسمي للدولة في التدين.

ويأتي هذا النقاش بعد موجة الغضب والانتقادات الحادة التي وجهها المهتمون بالإعلام للقنوات الرسمية الدينية، على رأسها قناة “محمد السادس للقرآن وإذاعة محمد السادس”، بعد بثهما لمواد تحمل مضامين متطرفة أثارت جدلا واسعا بين المغاربة، حيث اعتبروها لا تتماشى مع متطلبات العصر والتجديد الديني ونشر قيم التسامح والنموذج المغربي الخاص في التدين،

وفي هذا الصدد يقول الخبير الإعلامي يحي اليحياوي، في تصريح لـ”آشكاين”أن القنوات الرسمية المغربية (قناة وإذاعة محمد السادس) تشتغل في إطار خطاب رسمي وتحت إدارة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، للترويج للمنظومة الدينية الرسمية القائمة في البلاد، لكن تقع حالات تكون فيها الدولة غير حاسمة في موضوعها، منها الرقية الشرعية التي لم تستطع لحد الآن الحسم فيها وما إذا كانت ستسمح بممارستها أو منعها.”

وأضاف الباحث في مجال الإعلام:” أنه ينضاف إلى الرقية الشرعية موضوع التطرف الذي بدوره أيضا لم تحسم فيه الدولة بعد، وهناك مؤشرات تجعلنا نجهل ماذا تريد الدولة بالضبط أن تقوم به في هذا الجانب، هناك شيوخ سلفيين يخرجون كل مرة بتصريحات يكفرون ويهاجمون فيها شخصيات ومفكرين ورموز فكرية وثقافية، لكن دون أن تحرك الدولة ساكنا، وبالتالي فالدولة ليس لها موقف صريح وواضح فيما يخص التعامل مع حالات التطرف الفكري، وليس لها خطاب مضاد وقوي على مستوى الإعلام “.

وأشار المتحدث إلى أن هناك ثنائية معقدة فيها جانب “مماراساتي” على الأرض ، وهناك ممارسة غير واضحة للدولة” حسب تعبير الباحث .

وبخصوص الجهات التي تتحمل المسؤولية في هذا الشرخ الإعلامي الرسمي، أكد الباحث “أن المسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى المسؤول عن إنتاج الخطاب الديني والمؤسسات الرسمية التي تتكلف بتدبير هذا الأمر، وهنا يجب التنبيه إلى أن هناك خطابين سائدين على الساحة الإعلامية ، خطاب ديني شعبوي ”سكرفل” وهو بئيس ولا قيمة له ، وهناك خطاب مضاد يرفع سقف التطرف ، وهو نموذج الحمدوشي ، وأبو النعيم ، والفيزازي، فهاذين النموذجين يتساكنان في الإعلام الرسمي ، وبالتالي فإذا فهم المتتبع هذه الثنائية الخطابية سيفهم من يتحمل المسؤولية بطريقة مباشرة .”

من جهته أكد محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم”، “أن هناك محاولة لعزل الإعلام الديني في المغرب عن الإعلام الرسمي، واعتباره مرتبطا بتأويلات وتفسيرات مختلفة للدين الإسلامي، والمثير في هذا الأمر هو أن يصبح الإعلام الديني يرتبط مباشرة بالمقدس، ويتجاوز القرآن والسنة ، ونحن نعلم أن مسألة التأويل إذا لم تتحدد بالأشياء المشتركة قد تصبح لدينا مشاكل كبرى، وإذا ربطت الدين بتأويل واحد ومحدد فأنت تخرج عن مهمة الإعلام “.

ويسترسل الخبير في ميدان الإعلام والحقوقي في حديث له مع “آشكاين” :” أن التجاوزات والانتهاكات التي يقوم بها الإعلام الديني في المغرب هي بمثابة انتهاكات لوظائف الإعلام، وانتهاكات لحق المواطن في إعلام نزيه وذو مصداقية .”

وبخصوص ما يثار حول نموذج الإعلام الديني في القنوات الرسمية، وبعض التوجهات المشرقية والتركية التي يتأثر بها، قال العوني إن هذه النماذج ، إضافة إلى النماذج الأفغانية والشيعية هي بطريقة أخرى تمثل تأويلات مختلفة للدين، وهي التأويلات التي رفضها المغاربة منذ زمن قديم، والمغاربة حصنوا نفسهم ضد استيراد هذه النماذج.”

وختم الحقوقي حديثة : ” اليوم يجب أن نعود إلى ما ورثناه في تراثنا الديني، ويجب أن نرى ذلك في إعلامنا أيضا، عن طريق إعلام يرسخ للإسلام الوسطي الإعتدالي، “.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x