لماذا وإلى أين ؟

أزمة مصطلح مدونة الأسرة لا مدونة المرأة

أكثر ما يقتل المصطلحات ويفقدها الغاية التي وجدت من أجلها، ومهما شكل تنوع إستخدام المصطلحات سواء في المجال( الإقتصادي، الإجتماعي، السياسي، القانوني، الطبي..)، وهو إعطاء وتحميل المصطلح أكثر من تفسير بشكل يتم معه تحريف المصطلح عن الهدف والغاية التي وجد من أجلها، وغاية المصطلح هو بيان معنى الشيء وتقريب الفهم له، هو إفراغ المصطلح من الروح ، هو عقم بلا شك يتم معه نزع مهمة إنتاج المعرفة، فالمصطلح هو منتج للمعلومة والمعرفة.

هي عملية يتم من خلالها تسويق (المصطلح الجديد) الذي هو في الأساس نتاج تفسير ذاتي شخصي غير علمي بتاتا و يروج على أنه هو التفسير الصحيح والسليم، وتنساق الجماعة نحو هذا (التفسير الجديد) وتؤمن به إيمانا مطلقا مقدسا، هي الجماعة التي فقدت الوعي وسؤال الشك والبحث، جماعة خالية من العقل، جماعة تتميز بالقوة العمياء.

وهذا ما لمسناه من خلال مصطلح مدونة الأسرة الذي تم معه تحريف هذا المصطلح واستبداله بمدونة المرأة فقط، وكأن الرجل غير معني بها أو كأن الرجل هو الحلقة الأضعف في هذه المدونة، وأن المدونة أو القانون قد أولى عناية خاصة بالمرأة على حساب إقصاء وتهميش الرجل.

لقد كان القصد من تسمية هذا القانون بمدونة الأسرة هو قصد تحقيق التعميم والشمولية لتنظيم الحياة الأسرية، أي أن هذه المدونة أريد بها خدمة الأسرة بشكل عام وشامل، بغض النظر على من يقول أن هذه المدونة خصصت جانبا لحماية الطفل وتحقيق مصلحته الفضلى وحماية المرأة بالدرجة الأولى إلا أن المدونة كما ذكرنا سابقا تخدم بشكل عام كل مكونات الأسرة بدون تخصيص أو تمييز فئة عن أخرى.

عالجت مدونة الأسرة من باب الذكر لا الحصر إشكالات مختلفة من (الزواج والطلاق والحضانة والنفقة…)، أما التسمية الجديدة (مدونة المرأة) فقد كان الهدف منها إيهام الناس على أن مدونة الأسرة كما سبق وأن قلت تخدم مصلحة (الخطيبة الزوجة، الطليقة) فقط، وتمارس حسب اعتقاد هذه الفئة التمييز والإجحاف في حق الخطيب الزوج الطليق بل أكثر من هذا فمدونة الأسرة جاءت فقط لتمارس نوعا من الضغط والقهر على الزوج ولا يبقى لهذا الاخير إلا الصبابة.

وهنا نقف دائما عن نقطة مهمة جدا، وهي مدى أهمية أن يكون الإنسان أو المتصفح له عقل لا ينساق إلى ما تنساق إليه الجماعة الخالية من قوة العقل، فكلما استسلمت الجماعة للغير يفقد عقلها تدريجيا نعمة الإستقلال والتحليل، والشك والبحث وكل الأساليب والقدرات التي تمكنها من الوصول إلى عين الحقيقة.

ولا ننسىح أنا من ينشر المصطلح الجديد العقيم الذي هو عبارة فقط عن مزيج من التفسيرات والتحليلات الخاطئة، فهو بالفعل يتمتع بقدرة كبيرة على جذب الجمهور، كما أن المتناقلين للمصطلح العقيم بين أفراد المجتمع يتوقف مدى نجاح المصطلح والإقتناع والإيمان به بمدى قدرتهم من نقله إلى الإفراد الاخرين بشكل مبسط وسهل في قالب مثال من الواقع وهنا يكمن سر وصفة كعكة أزمة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
المجربة
المعلق(ة)
26 ديسمبر 2024 18:00

هناك تغيير واضح، ممنهج ومقصود لدور الرجل ولكرامته مقابل تغليب كفة المرأة بقوانين غريبة تهدف لجعل الرجل مجرد صندوق مالي وجعل الزواج مشروع استثماري مربح ومضمون.
الهدف وراء ذلك ليس من أجل المرأة أو الطفل، بل هو تدمير الأسرة المغربية وجعل الزواج حالة شادة في المجتمع كي تصبح العلاقات خارج إطار الزواج هي الأساس، فيضيع المجتمع برجاله ونسائه وأطفال.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

عبدالوهاب
المعلق(ة)
26 ديسمبر 2024 00:10

تحليل منطقي لما يسمى ب”مدونة الأسرة”في نسختها الثانية خلص كاتب المقال ان هذه المدونة من خلال فصولها و نصوصها هي موجهة للحفاظ على حقوق المرأة بالدرجة الأولى و كأن المرأة هي اساس الأسرة مع تغيب تام لدور الرجل في تأسيس هذه الأسرة ، و هذا سيضر بمؤسسة الزواج المفترض الحفاظ عليها من من التشرد و الضياع ، فتغييب دور الرجل في مؤسسة الزواج هو ضرب في المنظومة كلها و بالتالي ستشهد ارتفاعا في حالات الطلاق او ارتفاع ظاهرة العزوف عن الزواج مادام الزوج سيجد نفسه مختصرا بقيود لم تكن في السابق و بالتالي سيشهد المغرب تحولت في تشكيله البشرية في ارتفاع نسبة الشيخوخة و تراجع نسبة الشباب التي هي قوة المجتمع لأي دولة و يصبح المغرب مثل اوروبا الملقبة بأوروبا العجوز و يكون المغرب اول بلد في إفريقيا يدخل نادي الدول التي لديها نركبو سكانية ذات شيخوخة عالية في غضون الجبلين القادمين.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x