لماذا وإلى أين ؟

أساطير طنجة..  المَصْل المجهول (ح 26)

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.

الحلقة 26 :

في أزقة المدينة العتيقة لطنجة، تتناقل الألسن حكاية غامضة تثير الفضول والأسى في آنٍ واحد، بطلها مجموعة من شباب حي القصبة، الذين يحكى أنهم كانوا ضحية مصل غامض حقنوا بيه في جبل طارق. 

يحكي الدكتور حمزة المساري في مروياته “أحاديث من باب مرشان”، أن هؤلاء الشبان كانوا قبل عقود من الزمن يعملون في حوض إصلاح السفن المعروف قديما بـ”الأرسنال” في صخرة جبل طارق، حيث انخرطوا في أعمال شاقة وسط ضجيج الآلات وصخب البحر، في موقع يشهد على النفوذ العسكري البريطاني في المنطقة آنذاك.

حين قررت السلطات إغلاق الحوض وتسريح العمال، حدث ما لم يكن في الحسبان. يُقال إن بعض هؤلاء الشبان تلقوا حقنًا بمصل مجهول، قيل إنه إجراء احترازي لضمان سرية ما شهدوه خلال عملهم في تلك المنشأة العسكرية. 

ويحكى أن هؤلاء الشبان عادوا إلى طنجة، ولكن بذاكرة ممحوة تمامًا، وكأن سنوات العمل في جبل طارق طُويت في صفحات النسيان، تاركةً إياهم بلا أي ذكريات عن ماضيهم، ليعودوا إلى طنجة خاليي الوفاض دون تعويض عن سنوات خدمتهم بـ”الأرسنال”.

ورغم فقدانهم للذاكرة، عاش هؤلاء الشبان في حالة من السكينة الغريبة، دون أن يظهر منهم سلوك عدواني أو رغبة في إيذاء الغير. أحدهم، يحكي الدكتور المساري، أنه بجسده الرياضي وهيئته المهيبة، كان يثير دهشة الأطفال الذين يشاهدونه يسبح في شاطئ بوقنادل. وكانوا يطلقون عليه لقب “طرزان”، متأثرين بأفلام السينما التي كانت تعرض آنذاك في قاعات المدينة.

فيما بعد، وجد بعضهم ملاذًا في أعمال بسيطة، مثل  الشاب الذي عمل نادلا في نادي جمعية “أبناء البوغاز”، تحت إدارة السي عبد المجيد المؤذن الدزيري، الذي كان يُعرف بحسن سيرته وكرمه. ومع ذلك، بقيت حكايتهم محفوفة بالغموض، لتظل جزءًا من ذاكرة طنجة، المدينة التي لطالما جمعت بين الواقع والأسطورة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x