لماذا وإلى أين ؟

تقديم كتاب “النخبة البرلمانية بالمغرب: دراسة سوسيوسياسية” لحسن حمورو

عرفت التجربة البرلمانية المغربية تحولات ملحوظة منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، خاصة منذ أول دستور معتمد سنة 1962 حيث ستنطلق التجربة البرلمانية الأولى ما بين 1963 و 1965، وسيضم أنداك نخبة منحدرة من الحركة الوطنية. غير أن البرلمان المغربي سيعرف منذ مرحلة التأسيس مسارات متأرجحة بين الجمود والدينامية، نتيجة الأوضاع السياسية التي اتسمت بها مرحلة مابعد الاستقلال، والتي كان من نتائجها إعلان حالة الاستثناء سنة 1965.

وقد اهتمت العديد من الدراسات العلمية في العلوم السياسية وغيرها من التخصصات، بالتجربة البرلمانية المغربية، غير أن معظم هذه الدراسات لم تسلط الضوء على التجربة البرلمانية المغربية من مدخل النخبة البرلمانية والتطور السوسيوسياسي الذي طرأ على هذه النخبة، وأثر ذلك على الأداء البرلماني.

فجل الأبحاث والدراسات ركزت على المقاربة التأريخية، أو بعض القضايا المتعلقة بأدوار المكونات النيابية من أغلبية ومعارضة، أو غيرها من القضايا المرتبطة بفعالية الرقابة البرلمانية، وباقي الوظائف.

ولأجل فهم العمل البرلماني وقياس أداء البرلمان، من خلال فهم النخبة البرلمانية، سواء من حيث تشكلها، أومن حيث التحولات التي طرأت عليها. تضع هذه الدراسة من بين أهدافها، توفير معطيات لبحث العلاقة بين الخلفيات السوسيوسياسية للنخبة البرلمانية، وبين درجة الانخراط ومستوى الأداء داخل البرلمان المغربي.

وتشمل المعطيات السوسيوسياسية للنخبة البرلمانية، محددات قابلة للقياس والإحصاء والتحليل من قبيل الفئة العمرية والجنس والانتماء الاجتماعي والمهني والمستوى التعليمي. وذلك لأن هذه المحددات لا تقل أهمية عن المحددات الخارجية المتعلقة بالنظام السياسي واختلاف الانتماءات السياسية، أو عن المحددات الداخلية المرتبطة بوضعية البرلمان ونظامه وأجهزته الداخلية، في فهم وتفسير مستوى أداء المؤسسة البرلمانية، إذ أننا نفترض في هذه الدراسة، أن خبرة البرلماني ومدى انخراطه والرهانات التي يحملها، لها تأثيرمباشر على مستوى الأداء البرلماني.

    لقد حاولنا في هذا البحث رصد تطور النخبة البرلمانية منذ أول مجلس وطني استشاري تأسس في 3/8/1956. مرورا بمختلف الولايات البرلمانية منذ 1963 إلى 2021. وقد تم تخصيص مجلس النواب بالدراسة والتحليل، لكونه مجلسا منتخبا بالاقتراع العام المباشر، بمعنى أن أعضاءه يتم اختيارهم من لدن المواطنين بشكل مباشر.

وقبل الشروع في تحليل طبيعة التحولات التي طرأت عبر مختلف المراحل والولايات البرلمانية، توقفنا في الفصل الأول الذي عنوناه بـ”تطور النخبة البرلمانية في المغرب”عند مفهوم النخبة باستحضار مجموعة من التحديدات المفاهيمية من حقول لغوية وسوسيولوجية وفلسفية، قصد الضبط المفاهيمي لمعنى النخبة والنخب السياسية والبرلمانية، بالشكل الذي لا يتجاوز وظيفة هذه التحديدات في التأطير النظري للدراسة. كما شمل هذا الفصل دراسة تاريخية للتجربة البرلمانية المغربية منذ إرهاصاتها الأولى إلى اليوم، وذلك بالتركيز على أهم مميزاتها ومتغيراتها. كما تضمن هذا الفصل محورا خاصا بتشكل النخبة البرلمانية بالمغرب، استحضرنا فيه دراسات تاريخية وسوسيولوجية اهتمت بتاريخ تشكل النخبة السياسية المغربية.

    في الفصل الثاني من الدراسة، والذي يحمل عنوان “تطور النخبة البرلمانية وفق إفرازات انتخابات 2021” حاولنا رصد محددات تغير النخبة في التجربة البرلمانية المغربية، والتي شملت المحددات الاجتماعية والاقتصادية والحزبية، وكذا تلك المتعلقة بالنظام الانتخابي، ونظام الأحادية المجلسية والثنائية المجلسية. كما توقفنا عند أثر تغير عدد أعضاء مجلس النواب على تطور النخبة البرلمانية. وختمنا هذا الفصل بمحاولة الكشف عن محددات تجدد النخبة النيابية بناء على نتائج انتخابات  2021. وقد تم اعتماد محددات متوسط الأعمار لمعرفة مدى تحقق شعار التشبيب، ومحدد حضور المرأة للكشف عن مدى تحقق المقتضى الدستوري المتعلق بالسعي نحو المناصفة، ومحددات أخرى مهنية وعائلية وعلمية، غايتها التعرف على مستوى تجدد النخبة النيابية من حيث الوظائف والانتماءات العائلية والمستوى التعليمي.

    في الخلاصات توقفت الدراسة عند صعوبات البحث في هذا الموضوع، فبالرغم من أن البرلمان شكل مادة للعديد من الدراسات والأبحاث، إلا أن المعطيات المتعلقة بالنخبة البرلمانية تظل ضئيلة بالنظر لمحدودية الدراسات المرتبطة بالموضوع. لكن على العموم فإن ما توفر لدينا من معطيات لهذه الدراسة سمح لنا بالخروج بمجموعة من الخلاصات المتعلقة بإشكال التمثيلية البرلمانية ومحدودية التجربة البرلمانية المغربية وصعوبات الحضور الفعال للمرأة والشباب. هذه الخلاصات يمكنها أن تشكل رهانات وآفاق لدراسات جديدة تسمح باستمرارية البحث في هذا الموضوع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x