2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

رضوان جخا*
إنّه بتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية لموقفها الرسمي الواضح للولاية الإنتدابية الرئاسية الثالثة تواليا، سواءً مع ولاية ترامب الأولى، أو مع ولاية بايدن وصولا لولاية ترامب الثانية، يعني خلاصة واحدة ألا وهي حكمة الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك الحكيم محمد السادس، فبِالرّغم من تغير قادة الولايات المتحدة الأمريكية سواء كان جمهوريا أو ديموقراطيا إلا أن الموقف كان واحدا، تمثل في إعتراف أمريكي بمغربية الصحراء واعتبار مقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية الحل الوحيد والأوحد والواقعي والقابل للتنفيذ، بل إنّ الرئيس الأمريكي في ولايته الأولى عبر عن الموقف الأمريكي من خلال مرسوم رئاسي في دجنبر 2020، أما في بداية ولايته الثانية وفي وقت مهم جدا مع اقتراب الجلسة المغلقة لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية ،ومع اعتبار دولة العم سام أولا دولة عظمى وثانيا لكونها عضو دائم بمجلس الأمن الدولي ،وثالثا وهو الأهم كونها صاحبة القلم التي تصوغ مشاريع قرارات مجلس الأمن الدولي حول قضية الصحراء ، فالرئيس الأمريكي قد أكّد حسب ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو دعوة جميع الأطراف في نزاع الصحراء المغربية إلى حتمية العودة إلى طاولة الموائد المستديرة بغية حلحلة هذا النزاع الإقليمي المُفْتعل على قاعدة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية لصحراءه.
إنّ الموقف الأمريكي دليل واضح وجديد على أنه موقف الدولة العظمى وليس موقف أشخاص، في انتظار استكمال مسار تنزيل مضامين المرسوم الأمريكي بتدشين قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة المغربية ،موقف يُرسّخ عراقة العلاقات المغربية_ الأمريكية الضاربة في جذور التاريخ، نحن نتحدث عن أقدم العلاقات الثنائية بين بلدين ، أزيد من 250 سنة ، فالمملكة المغربية هي أول دولة في العالم اعترفت بالولايات المتحدة الأمريكية، علاقات ثنائية تتطور، سواء إذا تحدثنا عن العلاقات الإقتصادية عبر اتفاقية التبادل التجاري الحر باعتبار المغرب الدولة الوحيدة قاريا التي تجمعها هذه الإتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو عبر تعزيز التعاون العسكري من خلال مناورات الأسد الإفريقي باعتبارها أكبر المناورات العسكرية قاريا، هذه المناورات شملت في العديد من المحطات مناطق من الصحراء المغربية، أو من خلال التعاون الأمني عبر اتفافية إستراتيجية بين البلدين طيلة عشر سنوات قابلة للتجديد، شراكة متعددة الأبعاد مبنية على الوضوح والثقة، شراكة إستراتيجية متكاملة الأركان بين صديقين وحليفين استراتيجيين، فالولايات المتحدة الأمريكية تعتبر المملكة المغربية حليفا إستراتيجيا وقطبا قاريا وبوابة القارة السمراء، وهذا ماجدده البلاغ الخارجية الأمريكية، وكذا خلال أطوار اللقاء الذي جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وكاتب الدول الأمريكي مارك روبيو، وكذلك المحادثات التي جمعت بوريطة مع مايك والتز مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، ومع براين ماست رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب الأمريكي كلها مؤشرات دالة وواضحة تُعزّز مرتكزات الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في إطار مؤسساتي مبني على الثقة وخارطة طريق واضحة المعالِم.
إنّ دينامية التأييدات المتتالية لمقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية خصوصا من الدول الكبرى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، وقبلها إسبانيا وألمانيا وغيرها الكثير، مع شبه إجماع قاري لَيُؤكد من جديد حكمة المغرب ورؤيته الإستراتيجية للدفاع عن وحدته الترابية بقيادة الملك الحكيم محمد السادس، كلّ هذه المستجدات جعلت الجارة الشرقية تفقد صوابها ببياناتها المملوءة تارة بلغة التصعيد كما كان الحال مع الموقف الإسباني والفرنسي التاريخيين، لكن مع تجديد الموقف الأمريكي لم نجد من الجزائر سِوى بيان مَليء بعبارات الأسف فقط هذه المرة، ليتأكد للعالم مرة أخرى بأنّ نظام الجارة الشرقية هو الطرف الرئيسي في هذا النزاع الإقليمي المُفتعل.
ختاما إنّ موقف الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي سيكون له ما بعدَه لحلحلة هذا النّزاع الإقليمي المُفتعل فهي صاحِبة القلم لِمشاريع قرارات مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية ،كما أن هذا الموقف سيشجع دولا أخرى بالسير على نفس المنوال على غرار بريطانيا وأستراليا، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية جسّدت موقفها بإخبار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديمستيورا، من خلال لقاءه بمسؤولة الشؤون السياسية الأمريكية ليزا كينا.
*باحث ومحلل سياسي
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.