لماذا وإلى أين ؟

الأعيان والتجاوزات.. عندما يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة

عبدالله بن عيسى

لا شك أن للأعيان دوراً مهماً ومحورياً في المجتمع، فهم غالباً ما يكونوا حاملي شعلة القيادة المحلية، ومساهمين في حل النزاعات وتوجيه الرأي العام… .

دورهم التاريخي في الحفاظ على استقرار المجتمعات المحلية وتوجيهها نحو التنمية لا يمكن إنكاره. ومع ذلك، فإن هذه المكانة التي يتمتعون بها تأتي مع مسؤوليات كبيرة، أولها وأهمها هو الالتزام بالقانون واحترام المؤسسات.

Unmute

لكن في الآونة الأخيرة، أصبحنا نلاحظ توجهاً مقلقاً من بعض الأعيان الذين يبدو أنهم يرون أنفسهم فوق القانون، متجاهلين الحدود التي يفرضها النظام المؤسسي الذي يحكم الجميع. هناك فئة من الأعيان تتصرف وكأن الوطن مزرعة خاصة لها، حيث تتجاهل القوانين وتتجاوز الصلاحيات، ما يخلق فجوة متزايدة بين المواطنين والمؤسسات، ويهدد بتقويض سيادة القانون والمساواة.

إن التعامل مع الوطن وكأنه ملكية خاصة، هو خطر جسيم على السلم الإجتماعي.

فالأعيان، برغم مكانتهم، ليسوا فوق القانون، ولا ينبغي لهم أن يعتبروا أنفسهم كذلك. الوطن ليس ملكاً لأحد، ولا يمكن لأي فئة أن تستأثر به أو تضع نفسها فوق مؤسساته.

التاريخ علمنا و يعلمنا أن المجتمعات التي سمحت لبعض أفرادها بالتصرف فوق القانون هي مجتمعات سريعة الانهيار، حيث يؤدي الشعور بالتمييز وعدم المساواة إلى تفكك النسيج الاجتماعي.

وعليه، فإن الأعيان الذين لا يتوقفون عن تجاوز القانون، ويصنفون أنفسهم فوق المؤسسات، يساهمون بشكل مباشر في زعزعة استقرار المجتمع.

من المهم جداً أن يفهم الجميع، بما في ذلك الأعيان، أن الوطن يجمعنا جميعاً، وأن القوانين تحكمنا جميعاً بغض النظر عن مناصبنا أو مواقعنا داخل المجتمع.

القانون هو السقف الذي يقينا من الانزلاق نحو الفوضى، ومن يحاول تجاوزه يجب أن يواجه عواقب ذلك.

في نهاية المطاف، يجب أن نعيد التأكيد على أن كل فرد، مهما كان دوره في المجتمع، يخضع لنفس القوانين والمؤسسات. والأعيان، بحكم مكانتهم، يجب أن يكونوا قدوة في الالتزام بالقانون واحترام المؤسسات، لا أن يحاولوا فرض أنفسهم فوقها. هذه مسؤولية وطنية يجب أن يتحملوها بكل جدية، لأن الحفاظ على سيادة القانون هو ما يضمن استقرار الوطن وازدهاره.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

1000
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
بوجمعة
المعلق(ة)
31 أغسطس 2024 06:43

%90 من مهام هؤلاء الاعيان يمكن إنجازها عبر تحديث آليات التدبير والتواصل بإدارات القرب المحلية للدولة . فلماذا اذن لم تتمكن هذه الوظائف داخل الادارات من الاستفاذة من ثورة التكنولوجيات الرقمية وأساليب التدبير الحديثة
حتى نرفع من وثيرة جودة الخدمات العمومية وترشيد النفقات و وتوحيد الجهود وتبسيط المساطر و والتخفيف من ثقل التوقيعات “وسير حتى اتجي”؟ لماذا لا يتم اعادة بناء الادوار الادارية باسلوب حديث لنعطي لكل دور حقه في المسؤولية ؟ لماذا لا يتم اللجوء الى آليات بنك وخزن المعطيات التي توفرها الرقميات حين الحاجة لذلك ؟ …طبعا هذه الاسئلة تحتاج إلى أجوبة صريحة ، واعمال القانون وتجويد الخدمات العمومية عاملان هامان يؤهلان ويضمنان تربية المواطن على المواطنة الحقة..

ابو زيد
المعلق(ة)
31 أغسطس 2024 02:06

ان الاراء المذكورة في المقال حري بها ان تكون مذاهب و قناعات لاشكاين و لغير اشكاين لأنها الاصل و المبدا و ما جاء في الدستور و قوام الدول الديمقراطية و هي ما نفتقذه!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x